التاريخ
قد يبدو من الغريب أن نتحدث عن تاريخ كينغز أكاديمي وقد فُتحت أبوابها في عام ٢٠٠٧، لكن في الواقع، ثمة تاريخ لكينغز أكاديمي يتمثل في فكرة مدرسة نيو إنجلاند الداخلية التي يبلغ عمرها ٢٠٠ عام، وفي حياة الأشخاص الذين كانوا جزءاً من عملية التأسيس والذين هم ضمن أعضاء الهيئة التدريسية الأوائل.
وبالطبع فإن تخرّج جلالة الملك عبدالله الثاني في أكاديمية ديرفيلد أمر بالغ الأهمية بالنسبة لقصتنا. إن التجربة التكوينية التي خاضها جلالته هناك والذكريات التي صنعها، مكّنته من تخيل ما يمكن أن تقدمه مدرسة داخلية أردنية للبنين والبنات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كما ساهم في تعزيز فكر جلالة الملك، تجربة والده في كلية فكتوريا في الإسكندرية، ومرة أخرى عندما قام بزيارة ديرفيلد في أيار من عام ٢٠٠٥، في العام الثاني من توليه الحكم، ليلقى كلمة التخريج في المدرسة.
وخلال زيارته، أقام جلالته في مقر إقامة مدير المدرسة حيث أتيحت له الفرصة للقيام بجولة في حرم الأكاديمية، برفقة اثنين من الطلبة الخريجين. كما رحّب بعودته مدرب كرة القدم ومدير قاعة الطعام السيد سميث. أيضاً قامت مدرّسته للغة الإنجليزية السيدة ليونز بتذكيره بالأوقات التي قضاها في الصف، بينما أشار السيد هادل مدرّس العلوم ورئيس السكن، إلى الخدمات التي قدمها جلالته كمشرف في الصف الثاني عشر في السكن الذي كان يقيم به وقيادته لفرق المصارعة في ديرفيلد.
تلك اللقاءات والذكريات الودية التي صنعتها، ذكّرت جلالته بما تعنيه المدرسة الداخلية والانطباع القوي الذي تتركه لدى أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة على حد سواء. على الرغم من أنه لم تكن لديه مشكلة في تذكر أساتذته، إلا أنه كان من الرائع رؤية مدى تذكرهم له، وصولاً إلى تفاصيل حياته التي كان هو نفسه قد نسيها. إنه ذلك التقارب، المشاركة العاطفية التي يتمتع بها المعلمون في تعليم طلبتهم من الصباح وحتى المساء، ما يمنح أفضل المدارس الداخلية مكانتها المتميزة في التعليم الأمريكي، وهو ما جعل سنوات دراسة جلالته الثانوية من بين أسعد سنوات حياته.
لذلك فإنه ليس من المستغرب أثناء زيارته لديرفيلد أن بدأ جلالته بالتحدث مع مدير المدرسة إيريك ويدمر حول تأسيس مدرسة مثل ديرفيلد في الأردن، وهو نقاش أدى فيما بعد إلى التشاور بين ديرفيلد والديوان الملكي. وبعد فترة وجيزة، أرسل جلالته إلى ديرفيلد فريقاً للتخطيط، يتكون من ١٢ شخص تم اختيارهم بعناية، منهم خالد عزام الذي أصبح لاحقاً المهندس المعماري للمدرسة الجديدة، وآخر صفوان المصري الدي أصبح رئيساً لمجلس أمناء كينغز أكاديمي.
وبعد مضي أربع سنوات في صيف ٢٠٠٤، تم تشكيل المجلس التأسيسي وأقيم حفل وضع حجر الأساس في الموقع المختار، بين التلال الخلابة على طريق الملك السريع بالقرب من مادبا. في حين تم تعيين د. المصري رئيساً لمجلس الأمناء، تم تعيين د. إيريك ويدمر مديراً مؤسساً لكينغز أكاديمي، بعد إعلانه عن نيته في التنحي عن مهامه في ديرفيلد في نهاية العام الدراسي ٢٠٠٥-٢٠٠٦.
بما أن تاريخ كينغز أكاديمي سيكتب في السنوات المقبلة، مسجلاً في تجارب طلبتنا كما في تجربة جلالة الملك عبدالله الثاني في ديرفيلد، فإنه سيكون تاريخنا، نعم. إلا إنه سيكون أيضاً استمراراً لتاريخ التعليم الداخلي المستقل في كل مكان. إذا كانت جذورنا تعود إلى نيو إنجلاند، فإننا سوف نبحث عن تحالفات مع مدارس في جميع أنحاء العالم. "المدارس الثمانية" الأمريكية – إندوفر، شوت، ديرفيلد، إكسيتر، هوتشكيس، لورنسفيل، نورثفيلد هيرمون وسانت بول – قد أكدت بالفعل على الانتماء الفلسفي مع كينغز أكاديمي. وفي العام ٢٠٠٧، استضافت المدرسة مجموعة G20 من المدارس المختارة في كل قارة، الاجتماع الأول الذي يحضره مدير المدرسة في كلية إيتون وكلية ويلينغتون في ربيع ٢٠٠٦.
هذه العلاقات التي تتيح تبادل الطلبة والزيارات المتبادلة بين أفضل المدارس، وتسهيل التفاعل في أية مرحلة مبكرة، عبر الحدود الجغرافية والثقافية والسياسية. إنها لبِنات بناء السلام.
وبهذه الطريقة ستتواصل مدرسة جديدة في الريف الأردني مع العالم، واضعة بصمتها الخاصة ومضيئة لآفاق التفاهم العالمي الذي نصبو إليه جميعاً. إذا قمنا بفتح أبوبنا بإحساسنا بمكانتنا فيما مضى، فإنه يمكننا الآن التنبؤ بمكانتنا في المستقبل أيضاً.